احتفال توقيع كتاب مراحل عكار التاريخية من خلال آثارها

وطنية – أقيم احتفال توقيع كتاب “مراحل عكار التاريخية من خلال آثارها” للدكتور عماد نقولا يونس، بدعوة من كاريتاس – اقليم عكار، وبرعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في جامعة سيدة اللويزة – زوق مصبح، حضره النائب جيمي جبور ورئيس رابطة كاريتاس الاب الكرملي ميشال عبود ورئيس الجامعة الاب بشارة الخوري ورئيسة المؤسسة المارونية روز شويري ومنسق جهاز الأقاليم الاب رولان مراد والمدير التنفيذي جيلبير زوين ورؤساء الاقاليم وشخصيات دينية واجتماعية وبلدية وعسكرية.

بعد النشيد الوطني ونشيد كاريتاس ألقى مدير الشؤون العامة والبرتوكول في الجامعة ماجد بو هدير كلمة ترحيبية، بعدها رحب الاب الخوري بالجميع ولا سيما “بأهالي عكار في بيتهم في جامعة سيدة اللويزة”، وقال:” لدينا فرع (يد) في منطقة “برصه” ونامل ان نبني يوما ما في الأرض التي نملكها في منطقة “تليه” مجمع جامعي، ولدينا فرع اخر (يد) في منطقة الشوف وكاننا مصلوبون على قياس الوطن كي نقول لكل شخص يبحث عن طريق للخروج من ظلامية الأزمات باتجاه نور المعرفة، ان جامعة سيدة اللويزة هي منزل لك”.

اضاف: “من الطبيعي ان يطرق الاب ميشال باب جامعة سيدة اللويزة، لأنني وجدت في هذه الثلاثية المكونة من؛ NDU وكاريتاس وعكار، الفضائل الإلهية الثلاث وهي الإيمان والرجاء والمحبة، نحن مؤمنون بارضنا في عكار ونرى المحبة من خلال كريتاس ونترجى من خلال شبابنا مستقبل افضل. لذلك هذه الثلاثية تتجسد اليوم”.

عبود

بدوره قال الاب عبود: “نحن في عكار يقال لنا الأطراف، ولكن غبطة البطريرك وصفنا بالسياج، ونحن نقول أننا لسنا “آخر الدني، انما نحن أولها”. ثم رحب بالحضور قائلا: “إن حضور كل وجه يحب الكلمة يؤكد على أن الحوار والحديث ليسا مجرد تبادل كلمات، بل هما نبض الحياة وروح التجمع الذي يُعيد إلينا معاني الأخوة والإنسانية”.

أضاف:”تمرّ حياتنا بمراحل عدة؛ من الطفولة التي تملؤها الأحلام إلى مرحلة الشباب التي يفيض فيها العقل بمشاريع وآمال، ثم يأتي وقت النضوج حيث تتراكم الخبرات وتترسّخ القيم. وبينما نواكب التطورات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي وتشات جي بي تي، نبقى نحن البشر نحمل في داخلنا إرثاً من الخبرة والتجربة لا يُستبدل بأية وسيلة حديثة”.

تابع: “إنّ كل فرد منا يسعى لترك أثر يدوم بعد رحيله، فالسؤال الحقيقي الذي يطرحه الإنسان على نفسه هو: “ماذا سأترك لغيري؟” في هذه المرحلة، نحرص على تمكين الكفاءات وتسليم المسؤوليات في إطار زمني يتناسب مع خبرة وتجربة كل منا. فالتجديد ليس مفهوماً عابراً، بل هو استمرار لتراثٍ حضاري وإيماني نبنيه معاً”.

وأردف: “عندما كنت رئيسا لدير القبيات طلب مني الدكتور عماد يونس العودة إلى أرشيفنا التاريخي، مما أكد لنا أهمية حفظ السجلات والذكريات التي تشكّل هوية كاريتاس لبنان. إن تراثنا الجمعي هو ثمرة جهود من كانوا قبلنا، وهم الركيزة التي يستند إليها حاضرنا ومستقبلنا”.

وقال: “نعلم جميعاً أن عمر الجماعات يفوق عمر الأفراد؛ إذ إنّ التسليم والتواصل بين أفرادهما هو ما يُصنع القوة الحقيقية. إنّ وحدتنا وروحنا المشتركة هي التي تُمكّننا من مواجهة التحديات وتحقيق الأهداف، فكلنا معاً نحن قصة نجاح تتخطى الحدود وتجمع بين الخبرة والشباب. لسنا أبناء تراث القبور، بل خلقنا لنحيا حياةً مفعمة بالأمل والطموح نحو السماء. إن كل حجرٍ في قُرى وبلدات لبنان يحمل فكرةً وإنساناً استطاع أن يترك بصمته، وهذا ما يجعلنا نقدر قيمة الإبداع والجهد المبذول لبناء مستقبل أفضل”.

أضاف: “في مسيرة الحياة تظهر التجارب الشخصية، كقصة الدكتور عماد الذي رغم التعرض لحرائق ومحن عديدة، استطاع أن يستمر في عمله ويثري كلماتنا بخبرة تمتد على مدى السنين. إن هذه التجارب تُعد درساً لنا جميعاً في الصبر والثبات، وتؤكد أن الكلمة المتخمرة بالخبرة والواقعية هي التي تبعث في النفوس الراحة والثقة”.

وختم: “في الختام، أتوجه بالشكر الجزيل لكل من ساهم في بناء هذا الإرث الإيماني والإنساني. إننا اليوم نمتلك الوسائل والأدوات التي تتيح لنا البقاء على تواصل دائم، فلنستثمرها في نشر رسالة المحبة والتلاحم. أسأل الله أن يبارك في جهود الجميع، وأن يديم علينا هذه الروح الواحدة، متمنياً دوام التوفيق والسداد لكل من يحمل رسالة كاريتاس لبنان إلى العالم”.

أبي فاضل

بدوره أعطى البروفسور مروان أبي فاضل لمحة عن معنى التاريخ المناطقي الذي “هو دراسة الأحداث التاريخية التي وقعت في منطقة جغرافية معينة”، وقال:” في هذا السياق يأتي كتاب الدكتور عماد يونس مراحل عكار التاريخية من خلال آثارها” ليلقي الضوء على تاريخ منطقة ساهمت في تشكل هوية لبنانية أصيلة، وهو درس تاريخ عكار عبر العصور، منطلقا من هم وطني صادق، وإيمان بأهمية العلم والبحث التاريخي”.

وأشار إلى أن “الكتاب يتألف من ثلاثة أجزاء، درس مؤلفه في جزئه الأول تاريخ عكار منذ أقدم العصور وحتى جلاء القوات الأجنبية عن لبنان في ٣١ كانون الأول ١٩٤٦؛ وتناول في الفصل الأول مسألة تسمية عكار وواقعها الجغرافي، وخلص بعد عرض مستفيض للمصادر والمراجع إلى تأييد نظرية المتخصص في العلوم السامية الدكتور أنيس فريحة حول الجذر السامي لعكار الذي يعني “المنع والصد والحجر”. لافتا إلى “الفصل الثاني وتناول تاريخ عكار منذ عصور ما قبل التاريخ حتى مطلع العصر الفارسي، فدرس عصور ما قبل الكتابة بسلاسة، وتتبع الأدوار التي مرت على عكار في تلك الحقبة الطويلة، وأثبت، بالاعتماد على البقايا الأثرية التي عثر عليها، والمصادر والمراجع المتنوعة، أن عكار عرفت وجودًا لإنسان ما قبل التاريخ منذ نحو ۷۰۰ ألف عام، أي منذ العصر الحجري القديم”. ولفت إلى “ضرورة إجراء حفريات أثرية جديدة لكشف معلومات أكثر دقة عن تاريخ عكار في تلك الحقبة، ونبه من أخطار عبث اللصوص بالأماكن الأثرية. وأشار إلى التطور البشري والحضاري من خلال المدافن الميغاليتية التي تنتشر في مواقع متعددة من عكار، ويعود تاريخها الى بدايات الألف السابع ق.م. بحسب بعض الباحثين”.

وقال: “في الفصل الثالث من كتابه، تناول الدكتور يونس تاريخ عكار في العصور الفارسية والإغريقية والرومانية والبيزنطية، وبين أن الآثار التي تركها الإغريق تدل على وجودهم العريق، ويكاد لا يخلو مكان في لبنان منها، ويعود تاريخها إلى ما بين القرن الثالث ق.م. والقرن السابع الميلادي، ووجدت العشرات منها في عكار. اما الفصل الرابع تتبع الكاتب مسار التاريخ في عكار خلال العصور الإسلامية الأولى والفرنجية (الصليبية)، درس مؤثراتها على المتغيرات الديمغرافية، من خلال ما توافر من مصادر ومراجع، علما أن البقايا الأثرية في تلك الحقب نادرة الوجود، كما لاحظ المؤلف. ولكنه أشار إلى بقايا عمرانية من العصر الفرنجي في الحصون والكنائس، وأهمها برج السن، برج المجدل حصن القليعات، حصن طيبو، وحصن عرقا، والقشلات العسكرية في بينو والقبيات وكفرنون وغيرها. وتابع في الفصل الخامس دراسة تاريخ عكار في أثناء حكم المماليك والعثمانيين وحتى التاريخ المعاصر، وختم الفصل بإشارة إلى تحرر لبنان من الانتداب بعد الاستقلال السياسي في ٢٢ تشرين الثاني ١٩٤٣، وبعد تحقيق الجلاء في ٣١ كانون الأول ١٩٤٦، وأشار إلى زيارة تاريخية إلى عكار بتاريخ 8 تشرين الأول ١٩٤٥، قام بها وقد ترأسه رئيس الجمهورية بشارة الخوري برفقة رئيس الحكومة رياض الصلح، حيث توقف أعضاء الوفد في القرى والبلدات العكارية، حتى وصلوا إلى بلدة بينو التي أعجبوا بجمالها”.

أضاف: “أما الجزء الثاني من الكتاب فيعد عملا استثنائيا، استغرق العمل الميداني فيه ثماني سنوات ونصف السنة، واستدعى الغوص بمصادر متنوعة، بغية الكشف عن البقايا الأثرية وتحليلها، وفي هذا المجال كتب المؤلف ما يأتي: رغم ما حصده ميدان بحثي من تعب وتحمل الأخطار عديدة، فقد توصلت إلى معرفة كثير من غوابر التاريخ وأحداثه، وما كان دور عكار فيها، لأن آثارها تعتبر “الشاهد الحي” على أحداثها، وعلى حياة من سكنها، ما كان لهم من تقدم على طرق الحضارة والحياة. هذا الجزء تضمن دراسة علمية للمعالم الأثرية لكل بلدة وقرية في عكار، وهو عمل ضخم يستوجب تضافر بود باحثين كثيرين. اذا هذا المؤلف الموسوعي، بغزارة المعلومات، وباتباع مؤلفه منهجا أكاديميا صارما، وباعتماده على لائحة سوعة من المصادر والمراجع، وبتحليلها على ضوء المكتشفات الأثرية الجديدة تهنئ الدكتور عماد يونس بنتاجه هذا، ونتمنى له المزيد من التألق والإبداع. ولعكار الذي يعشقها، تتمنى الازدهار والسلام في رحاب لبنان سيد وحر ومستقل”.

نصور

ثم القى رئيس قسم اقليم عكار في كاريتاس ميشال نصور، كلمة قال فيها: “نحن اليوم مع نشاط ثقافي لا بل سياحي وتاريخي تتعانق على اطيافه رائحة صنوبر عكار والسنديان والزيتون من بلدة الى بلدة ومن قلعة الى أخرى. نحن اليوم في 13 شباط في يوم المحبة وفي عيد المحبة نلتقي واياكم أيها الأحبة في كنف هذا الصرح التربوي الجميل مع الدكتور عماد يونس في حفل توقيع كتاب مراحل عكار التاريخية من خلال آثارها وكان به يسلط الضوء على التراث القيم لبلدات عكار”.

أضاف: “واذا كنا اليوم في كاريتاس اقليم عكار نسلط الضوء على المحتاجين وكل المحتاجين فنحن نفاخر ايضا ونشجع لا بل نشارك في نشر المعرفة والثقافة لما لها من دور بارز في تطوير المجتمعات والشعوب على حد سواء. وعليه اسمحو لي في هذه المناسبة من لفتة ولو بسيطة على أوضاع منطقة عكار المحرومة منذ زمن على أمل أن تلقى الأنماء المطلوب خصوصا بعد انتخاب الرئيس العماد جوزيف عون والحكومة الجديدة برئاسة الدكتور القاضي نواف سلام فلهم منا ألف تحية وتحية وعلى امل الا يطول الانتظار”.

يونس

استهلّ الكاتب كلمته بالإعلان ان كتابه الجديد “سوف يترجم إلى اللغات الخمس إلا وهي؛ الفرنسية والإنكليزية والألمانية والإسبانية والبرتغالية”، وقال: “ان ما قمت به في بحثي في تاريخ عكار وآثارها رغم الأخطار التي كادت تكون قاتلة، فإنني اعتبره واجبا تجاه منطقة تئن، ادركت من آثارها المثبتة انها كانت نهضة وانطلاقتها في لبنان منذ اكثر من سبعة الاف عام قبل المسيح. ما يعني انها مفخرة وطني ليس لأنني احد أبنائها، بل لأنها الحقيقة الساطعة من خلال هذا الكم الكبير من الآثار التي تثبت ما أقول”.

وأشار إلى انه استطاع “نقض مقولة احد اهم المؤرخين في العالم البروفسور جورج غوتيه عن انه توجد في منطقة الهرمل أسقفية أرمنياك” بعد الأبحاث المعمقة التي اجراها هناك والتي أدت إلى ايجاد فقط ديرين، الاول دير مار مارون في منطقة العاصي، والثاني دير الريح او دوير الريح الذي لم تبق منه اثر”.

وأردف انه من خلال أبحاثه في منطقة عكار توصل إلى ايجاد مدينة ارمنايا ومعبدها الوثني المثلث والمعبد الذي تحول إلى أسقفية ارمنياك او ارمنايا مع النقوش على الأحجار ” مثبتا بالآثار انها الأسقفية التي تحدث عنها البروفسور غوتيه، وان الهرمل وخلافا لما قال ايضا، سميت بناء على إسم قائد عسكري روماني”. ووجه الكاتب “نداء عاجلا إلى كل المسؤولين والوزراء لوقف التعديات المؤلمة على آثار عكار، ومنها برج ميليجان وبرج حصن الوادي، اذ ان هناك ضرورة ملحة للعمل السريع لإنقاذ آثار منطقتي التي تتعرض للتدمير والسرقة والنهب والى تهريب ما يجده اللصوص إلى الخارج لبيعه”، داعيا إلى جعل كل هذه الآثار ” ملكية للدولة اللبنانية لتكون مواقع سياحية تعود عليها بملايين الدولارات سنويا من عائدات السياحة.