أمسية استثنائية احتضنتها القاعة الأسطورية Victoria Hall في جنيف

جنيف – حزيران 2025

في أمسية استثنائية احتضنتها القاعة الأسطورية Victoria Hall في جنيف – المصنفة ضمن التراث العالمي لليونسكو – أبهرت مجموعة Les Solistes de Beyrouth الحضور بأداء عالمي حمل رسالة فنية وإنسانية عابرة للحدود، دعمًا لرابطة كاريتاس لبنان.
نُظِّم هذا الحفل الفني الضخم، بدعم كريم من دائرة الثقافة في مدينة جنيف، وجمع نخبة من الفنانين العالميين في تظاهرة فنية راقية احتفت بالإبداع اللبناني وتميّزه على الساحة الدولية.
بحضور سعادة السفيرة اللبنانية في سويسرا رولا نور الدين، وسعادة السفير سليم بدورة، المندوب الدائم للبنان لدى الأمم المتحدة في جنيف، وعدد من الشخصيات الرسمية والروحية والثقافية، افتُتحت الأمسية بكلمة مؤثرة ألقاها الأب ميشال عبود، رئيس رابطة كاريتاس لبنان، قال فيها:
“باسم كاريتاس لبنان، أشكركم من القلب على هذا اللقاء الجامع بين الموسيقى والجمال والتضامن. هذا الحفل أكثر من مجرد حدث ثقافي، إنه فعل محبة، تمامًا كما قال القديس أوغسطين: «حيث يوجد الحب، هناك الله». وها هو الله حاضر الليلة في كل نغمة ترتفع، في كل نظرة تتجه نحو لبنان المتألم.
“كما يذكّرنا الفيلسوف إيمانويل ليفيناس: «وجه الآخر يدعوني إلى المسؤولية». أنتم لبيتم هذا النداء بحضوركم، بإصغائكم، وبدعمكم.
“بفضلكم، وبفضل أصدقاء مثلكم، تواصل كاريتاس لبنان رسالتها في خدمة الإنسان، رغم العاصفة. هذه الليلة ليست فقط تحية للبنان، بل نشيد حيّ للأخوّة الإنسانية.
“فلتكن هذه الموسيقى صلاة: من أجل السلام في لبنان، ومن أجل كرامة كل إنسان.”

أداء عالمي ورسالة إنسانية
رغم أن عدد المؤدين لم يتجاوز العشرين، فإن وقع أصواتهم في القاعة أعطى انطباعًا بفرقة مكوّنة من خمسين فنانًا، قوةً وعمقًا. جاء الأداء تحت إشراف فني دقيق من المايسترو فرناندو عفارة، الذي قاد الفريق بتناغم مدهش، فأتاح لكل صوت وآلة أن تحتل مكانها ضمن نسيج متناغم راقٍ.
تميز الحفل بمشاركة نخبة من الفنانين الدوليين:
الميزّوـ سوبرانو العالمية كارين سيشاي
عازف البيانو الروسي ألكساندر شايكين
عازف الأرغن الفرنسي إيف لافارغ
مغنون من أوبرا جنيف وأوبرا لوزان
وقد شملت الأمسية برنامجًا متنوعًا امتد لأكثر من 90 دقيقة، تخللته روائع دينية من بولنك وروسيني، مرورًا بأعمال فيردي ومسكاني، وصولًا إلى فصول مختارة من أوبرا “كارمن” لـ بيزيه، التي نُفّذت خلال خمسين دقيقة بأداء درامي غنائي مبهر، فاق التوقعات ونافس أكبر دور الأوبرا العالمية.
أطلت فاليري ميكائيل وكارين سيشاي وفيوليتا دمعا بأصوات متوهجة، فيما قدّم أمبواز ديفاريه آريا Don José بأداء فرنسي مشحون بالعاطفة.
وفي لحظة روحانية نادرة، أدت المجموعة نشيد حقوق الإنسان من تأليف الراحل جهاد زيدان، بصوت ملائكي من فيوليتا دمعا، قبل أن تختتم الليلة بتحية تراثية لبنانية من توقيع توفيق سكر، مزجت بين الإيقاعات الشرقية والروح الغربية، فكانت مسك الختام لليلة لا تُنسى.

لبنان يسطع من جديد
لم يكن الحفل مجرد عرض موسيقي، بل مناسبة وطنية راقية، أضاءت وجه لبنان الثقافي والفني والإنساني. فبدعم من مدينة جنيف ودائرة الثقافة فيها، ومن خلال تعاون دولي لافت، نجح هذا الحدث في تجسيد رسالة كاريتاس: المحبة في خدمة الإنسان.
وبصوت واحد، وقوفًا وتصفيقًا، عبّر جمهور Victoria Hall عن انبهاره وفخره، في لحظة خالدة من الانسجام بين الفن والتضامن.